أرشيف الفتاوى - 56118

هل القرين يؤذي، وكيف يتحصن منه

السؤال

وردنا سؤال يقول فيه صاحبه:

هل القرين يؤذي الشخص؟

وكيف يكون ذلك، وما علاج هذا الشي؟!

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق:

وجود ما يسمى بالقرين أمر ثابت، وكل شخص له قرين، وهو الذي يدفع صاحبه للشر والمعصية، باستثناء النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعانه الله تعالى عليه، وأسلم قرينه، كما صح في الحديث .

ومما يدل على وجوده قول الله تعالى : (( قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد، قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد*ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد)) [سورة: ق/27-29] .

قال العلامة ابن كثير في تفسير الآية :" ( قال قرينه ) قال ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد وقتادة وغيرهم: هو الشيطان الذي وكل به،  (ربنا ما أطغيته) أي : يقول عن الإنسان الذي قد وافى القيامة كافرا يتبرأ منه شيطانه، فيقول: (ربنا ما أطغيته) أي : ما أضللته . (ولكن كان في ضلال بعيد) أي : بل كان هو في نفسه ضالا قابلا للباطل معاندا للحق ..." اهـ

وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير)) . وفي رواية : ((وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة)) . رواه مسلم في صحيحه (2814).

وبوب عليه الإمام النووي في شرح مسلم بقوله : "باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا"، ثم قال في شرح صحيح مسلم 17/158 : "وفي هذا الحديث : إشارة إلى التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه ، فأعلمنا بأنه معنا لنحترز منه بحسب الإمكان " اهـ .

وقد صدرت بذلك فتوى رسمية بما نصه : "كل إنسان له قرين كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((ما منكم من أحد إلاوقد وكل به قرينه من الجن ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير)). والقرين مسلط على العبد إذا غفل عن ذكر الله؛ لقوله تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرحمنُ نقيِّض له شيطاناً فهو له قرين) .

وروي أبو يعلي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إن الشيطان واضع خطمه -أي فمه- على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه، وذلك الوسواس الخناس )).  فيض القدير 2/354 وابن كثير في تفسير سورة الناس.

وأما كون القرين يتشكل بشكل صاحبه فهذا لم يرد فيه نص بخصوصه، أما كون الشياطين والجن يتشكلون بأشكال متنوعة فذلك وارد وهو مما يجب الإيمان به، كما يجب الإيمان بأن الشيطان لا يتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث: «من رآني في المنام فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثل بي »، رواه أحمد والبخاري والترمذي، فيض القدير 6/ 131 . انتهى نقل الفتوى

وأما علاجه وطريق التخلص منه ودفع شره:

فيأتي بالدعاء بأن يقينا الله تعالى وساوسه وفتنته ، وخير الدعاء ما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة ، فمن تلك الأدعية القرآنية : (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) المؤمنون : 97،98 .

وقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين في الصباح والمساء ، وكذلك قراءة آية الكرسي وخواتيم البقرة قبل النوم ، والبسملة عند عمل أي شيء والاستعاذة كلما أحسست بوسوسة من الشيطان قال تعالى : (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)  سورة فصلت : 36 .

والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأداء الفرائض في أوقاتها، وقراءة القرآن الكريم، وتقوى الله عز وجل في السر والعلن، والتحصن بالآيات القرآنية والأذكار الواردة .

فوجود القرين أمر ثابت كما سبق بيانه، لكن بعض ما ذكر في الكلام المنقول في السؤال يحتاج إلى بحث ونظر.. كعمرالقرين وعلاقته بالبدن وانفصله واتصاله وتأثيره ...، ولا نعلم دليلاً عليها ولا نقل علمي موثوق به يؤكدها أو ينفيها ، لأنها أمور غيبية ، ويكفينا ما ورد في النصوص السابقة وفيها الغنية والكفاية إن شاء الله تعالى .

والله تعالى أعلم 

الفئة الرئيسية

الإيمان والعقيدة

الفئة فرعية

العقيدة

آخر تحديث للفتوى

عودة