أرشيف الفتاوى - 18862

مسألة في طلاق الإكراه

السؤال

وردنا سؤال يقول فيه صاحبه:

قد وقع بيني وبين زوجتي شجار شديد، واشتد غضبي حتى فقدت السيطرة، فقالت لي زوجتي: طلقني، فقلت لها: أنت طالق.

ثم راجعتها وبعد أن راجعتها بمدة، وقع بيني وبينها خصام وشجار وغضبت منها غضباً شديداً ودخلت زوجتي الحمام وأغلقت الباب وأقفلته على نفسها وهددتني وقالت: طلقني، وإن لم تطلقني فسأشرب الكلور، وأصرت على الانتحار وتيقنت بأنها ستشرب الكلور إن لم أطلقها، فتلفظت بالطلاق فقلت: أنت طالق. ولكن قلبي غير راض بذلك وإنما هو تلفظ باللسان إنقاذاً لزوجتي من الانتحار.

ثم بعد ذلك راجعتها، وبعد مدة طلبت مني الطلاق وأصرت على ذلك فقالت: طلقني، فقلت لها: أنت طالق. وكان هذا الطلاق الأخير في م7/10/1998، فهل زوجتي قد طلقت مني طلاقاً بائناً لا رجعة فيه؟

فإنني أريد أن أراجعها. 

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق:

أما الطلقة الأولى التي قال: إنها كانت في حالة غضب فإنها واقعة عليه حيث لم يكن غضبه مغِلقاً عليه وَعيَه، بل كان باقياً بشعوره فيقع عليه الطلاق به.

وأما الطلقة الثانية فإذا ثبت أن (الكلور) قاتل إذا شرب، وكان الرجل يعلم يقيناً أن المرأة ستنفذ ما هددت به، ولا يجد سبيلاً لمنعها منه فإنه حينئذ يكون ملحقاً بالمكره الذي أسقط الشارع اعتبار قوله، كما في حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا طلاق ولا عتاق في إغلاق)) أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما والإغلاق هو الإكراه، وقال أبو عبيدة: الإغلاق: التضييق.

وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم وقوع طلاق المكره، ففي فتح المعين بشرحه إعانة الطالبين 3/6 ما نصه: ”لا طلاق مكره بغير حق بمحذور“ قال في الحاشية: ”وضابط المحذور هو الذي يؤثر العاقل لأجله الإقدام على ما أكره عليه“ وفي الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد 8/441 مانصه: ”ويتوجه تعديته ـ أي الإكراه ـ إلى كل من يشق عليه تعديته، مشقةً عظيمة من والد وزوجة وصديق“.

وبناءً على هذه النصوص فإنا نرى والله أعلم أنه لا يقع الطلاق بهذه الصورة لأنها من صور الإكراه، وإذا كانوا قد عدوا من صور الإكراه، الشتم أمام الناس لذي المروءة، والضرب باليد، أو أخذ شيءٍ من المال، ونحو ذلك، فلأن تكون هذه الصورة من صور الإكراه من باب أولى.

أما الطلقة الثالثة التي طلقها بناءً على إصرارها في طلب الطلاق، فأجابها لذلك بقوله: أنت طالق، فهو واقع.

وحيث تقرر لدينا أن الطلقة الثانية لا تحسب، لأنها كانت بطريقة الإكراه، فإن له أن يراجعها ما دامت العدة باقية، فإن انتهت العدة فلا رجعة له عليها إلا بعقد ومهر جديدين.

والله تعالى أعلم.

الفئة الرئيسية

الأحوال الشخصية

الفئة فرعية

الطلاق

آخر تحديث للفتوى

عودة