أرشيف الفتاوى - 19012

حكم صلة الرحم وقطعها

السؤال

وردنا سؤال يقول فيه صاحبه:

أريد معرفة حكم الشريعة الإسلامية بخصوص صلة الرحم؟ ومن هم الأرحام؟

وهناك فتاة تقوم بزيارة الأرحام والسؤال عنهم برغم عدم سؤالهم عنها حتى ولو بالهاتف. فهل تواصل صلة الرحم أو تتركهم وشأنهم؟ 

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق:

الأرحام هم الأقارب الذين تجمعهم لحمة واحدة من جهتي الأصول والفروع والحواشي كالآباء وإن علوا، والأبناء وإن سفلوا، والإخوة والأخوات وأبنائهم، والأعمام والعمات وأبنائهم، والأخوال والخالات، ويتفاوتون في درجات القرب كترتيبهم في هذا البيت:

بُنُــــوُّة أبــــوة جدوده ***أخــــوُّة ٌبنوهـــم عمومه

ولكل هؤلاء حقٌ في صلة الرحم، وصلتهم من أعظم القربات عند الله تعالى، فقد أثنى الله تعالى على الواصلين خيراً كما في قوله سبحانه: {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب} [سورة الرعد الآية: 21] إلى أن قال: {أولئك لهم عقبى الدار*جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذُرِّيَّاتِهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} [سورة الرعد الآية: 24].

وورد في فضل صلة الرحم من السنة الشيء الكثير ومن ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى: ((يقول الله تعالى: أنا الرحمن وهذه الرحم شققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتَتُّه)) بمعنى قطعته.

فقد وعد الله تعالى الواصل بصلته سبحانه وتعالى له ببره وإحسانه وعفوه ورضوانه، ووعد القاطع بقطعه من الخير والبر والإحسان وهو ما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ((من سرَّه أن يُنسأ له في أثره ـ يعني يؤخر أجله ـ ويوسع له في رزقه فليصل رحمه)) كما أخرجه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه.

فهذا فضل عظيم لا يفرط فيه العقلاء، الذين يرجون الله واليوم الآخر، بل لا يفرط فيه إلا محروم، وإذا فرط فيه طرف من أطراف الأرحام لا ينبغي للآخر أن يقع في التفريط الذي وقع فيه غيره، بل على الإنسان أن ينفع نفسه، وإن حرمه الغير، وتلك هي الصلة الحقيقية كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الواصل بالمكافيء ـ يعني الذي يصل من وصله ويقطع من قطعه، بل هذه مكافأة لا فضل للإنسان فيها ـ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلهــا)) كمــا أخرجــه البخـاري وغيره من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، يعني فهذا هو الواصل الحقيقي الذي يرجى له أجر الواصلين.

وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكــو إليــه قطيعة رحمه له فقال: يارسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأُحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلُم عنهم ويجهلون عليَّ فقال: ((لئن كنت كما قلت فكأنما تسفّهم الملَّ ـ يعني الرماد الحار ـ ولايزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك)) كما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فعليك أخي السائل أن تصل رحمك وإن قطعوك، فإن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب فقد لعن الله تعالى القاطعين أرحامهم في آيتين من كتابه العزيز قال سبحانه: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [سورة محمد الآية: 22] وقال جل شأنه: {والذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}. [سورة النساء الآية: 25] واللعن معناه الطرد من رحمة الله تعالى وهو دليل على أن هذا الذنب من أكبر الكبائر، فاتقي ربك واحذري أن تكافئي السيئة بالسيئة، ولكن عليك أن تعفي وتصفحي لتؤجري في الدنيا والآخرة، ومن حرم نفسه من الخير فعلى نفسه جنى.

والله تعالى أعلم.

الفئة الرئيسية

الآداب والأخلاق

الفئة فرعية

صلة الرحم

آخر تحديث للفتوى

عودة