أرشيف الفتاوى - 19236

حكم وقوف الصبيان في الصف الأول

السؤال

 أنا مؤذن أرفع الأذان وأصلي إماماً، كثيراً ما يدخل معي المصلون في إشكال بخصوص شيئين فما الحكم الشرعي عن الآتي:

أولاً: ما الحكم الشرعي في مسألة وقوف الأطفال في صفوف الكبار في المساجد؟

ثانيا: هناك حديث متفق عليه في باب صلاة الجماعة والإمام الحديث رقم 386 في كتاب (بلوغ المرام) واللفظ للبخاري 871 في باب الأذان عن أنس رضي الله تعالى عنه (فقمت أنا ويتيم خلفه وأُم سليم خلفنا)

1 الاجابة

السُنة في وقوف الأطفال في صفوف الصلاة أن يكونوا في الصفوف المتأخرة ولا يكونوا خلف الإمام ولا في الصف الأول إن كان من الكبار من هم أولى منهم، وذلك لحديث أبي مسعود البدري رضي الله تعالى عنه عند مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لِيَليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يَلونهم)) قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم 4/ 155: في هذا الحديث تُقدِّمُ الأفضل فالأفضل إلى الإمام لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبِطوا صِفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويُعلموها الناس، وليُقتَدى بأفعالهم ا هـ.

وهذا ما قرره الفقهاء فقد نص ابن حجر الهيتمي في المنهج القويم 2/ 86 وغيره مثله، على أنه يقف خلف الإمام: الرجال، ثم الصبيان صفاً ثانياً، قال: وإن تميزوا عن البالغين بعلمٍ ونحوه، هذا إن لم يسبقوا إلى الصف الأول، فإن سبقوا إليه فهم أحقُ به من الرجال فلا يُنحَّون عنه لهم، كما قاله ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى.

وذلك لأن الصف الأول من القُرب التي يُكره الإيثار بها كما دلت عليه قصة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في شربه فضلة النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وعن يساره الأشياخ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتأذن لي أن أُعطيه الأشياخ؟ فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما كنت لِأُوثِر بفضلي منك أحداً يا رسول الله، فأعطاه إياه. كما أخرجه الشيخان من حديث سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما.

فدل على أن الإيثار بالقُرب مكروه، والصف الأول من أفضل القُرب كما دل عليه حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عند الشيخين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلمُ الناسُ ما في النداءِ والصفِ الأولِ ثم لم يجدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستهموا)) وحيث إنهم قد سبقوا إليه وهم من أهل العبادة، فلا يمنعون منه.

وحديث أنس رضي الله تعالى عنه في قصة صلاته خلف النبي صلى الله عليه وسلم مع يتيم وأم سليم من خلفهم، فيه دليل على ما ذكر من ترتيب الصفوف، حيث كانت أم سليم وحدها خلف الصبيان، وهذا ما قرره الفقهاء؛ من أن يكون الرجال خلف الإمام، والصبيان خلفهم، والنساء خلف الصبيان.

فلا تعارض فيه بين ما تقرر آنفاً ودلالة هذا الحديث، وإنما لم يذكر صف الرجال لعدم وجودهم حينئذ، فإن أنساً واليتيم كانا صبيين.

والله تعالى أعلم

الفئة الرئيسية

العبادات والطهارة

الفئة فرعية

الصلاة

آخر تحديث للفتوى

عودة