أرشيف الفتاوى - 19565

تفسير آية ( وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك طغيانا وكفرا)

السؤال

وردنا سؤال يقول فيه صاحبه :

نحن نعلم أن الله تعالى أنزل كتابه للهداية، وأنه بيان وشفاء ونور وهدى، فكيف نفهم قوله تعالى: {ولَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً} [سورة المائدة، الآية:64] ؟

1 الاجابة

الجـــــــواب وباللـــه التوفيــــق :

المراد بذلك هم الكافرون، الذين قد طبع على قلوبهم فلا يؤمنون أبداً كما كان من أبي جهل، وأبي لهب وغيرهما من مشركي قريش، ويهود المدينة الذين كانوا على علم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأحقية دعوته، ومع ذلك تمادوا في الطغيان والكفر، فكان علمهم بذلك زيادة في وبالهم وكفرهم كما قال البخاري رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [سورة الكافرون :الآية 5] قال: وهم الذين قال عنهم: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً} [سورة المائدة: الآية 64] فكان علمهم بالنبي صلى الله عليه وسلم زيادة في الحجة عليهم.

وقال ابن جرير الطبري عند هذه الآية: يعنى بالطغيان: الغلو في إنكار ما قد علموا صحته من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والتمادي في ذلك، {وكفراً} يقول: ويزيدهم مع غلوهم في إنكار ذلك جحودهم عظمة الله تعالى ووصفهم إياه بغير صفته، بأن ينسبوه إلى البخل ويقولوا: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ}.

لا جرم أن من ينكر نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمه بصدقه ليس كمن كان جاهلاً به، فذلك أشد جرماً وإثماً، فكان علمهم وبالاً عليهم، وهذا لا ينفي أن يكون القرآن بياناً وشفاءً ونوراً، فهو كذلك لمن استهدى به، وآمن به، وإلا فإنه كما قال: {وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} [الإسراء: الآية82)، وكما قال {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: الآية 44]. 

والله سبحانه وتعالى أعلم.

الفئة الرئيسية

القرآن والحديث

الفئة فرعية

القرآن الكريم

آخر تحديث للفتوى

عودة