أرشيف الفتاوى - 46949

تعامل الرجل مع امرأته فترة العدة

السؤال

وردنا هذا السؤال:

ما حدود علاقة الرجل بطليقته في فترة العدة؟؟ هل يصح لهما الحوار هاتفياً بشكل مستمر من غير ضرورة؟ وهل يصح أن يخرجا مع بعضهما بدون محرم؟؟

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق: المطلقة طلاقا رجعيا تبقى زوجة في فترة العدة؛ لقوله تعالى : { والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [ البقرة: 228]، وقوله تعالى: { وبعولتهن } يقتضي أنهن أزواج بعد الطلاق [ أحكام القرآن لابن العربي: 1\369] فتتحدث المرأة مع زوجها وتتزين له وتتشوف له، أملا أن يصلح الله بينهما ويؤلف بين قلبيهما ويكبح جماح الشيطان وأعوانه، فالمطلقة الرجعية تبقى زوجة في فترة العدة، إلا أن أهل العلم استثنوا بعض المسائل في هذه الفترة كالجماع وغيره على خلاف بين أهل العلم. قال ابن رشد: قال أبو حنيفة لا بأس أن تتزين الرجعية لزوجها وتتطيب له وتتشوف وتبدي البنان والكحل وبه قال الثوري وأبو يوسف والأوزاعي. [بداية المجتهد لابن رشد 2\85]. قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للمرأة التي يملك زوجها رجعتها أن تتزين وتتشوف. وانفرد الشافعي، فقال: أحبّ إلي أن تَزّيّن، ولا تعطر. [ إجماع ابن المنذر: 22]. وقال ابن قدامة: لها أن تتزين لزوجها وتستشرف له ليرغب فيها وتنفق عنده كما تفعل في صلب النكاح. [ المغني لابن قدامة: 9\147] ، ولا إحداد على الرجعية بغير خلاف نعلمه لأنها في حكم الزوجات . [ المغني لابن قدامة: 9\167]. وأما بالنسبة للخروج من المنزل من أجل الزوج في فترة العدة، فهي من تلك المسائل التي اختلف فيها العلماء: وسبب الخلاف يرجع إلى هل البقاء في البيت مدة العدة متعلق بحق الله فيغلب حق الله تعالى على حق الزوج كما جاء ذلك في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: بقاءها مدة العدة في مكانها الذي كانت ساكنة فيه حين الموت أو الطلاق حق لله تعالى [ حاشية الدسوقي: 10\164]، أم أنه يغلب حق الزوج فيكون جلوسها في البيت لحق الزوج والقيام بشؤونه. قال ابن كثير: { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ } أي: في مدة العدة لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه، فليس للرجل أن يخرجها، ولا يجوز لها أيضا الخروج لأنها معتقلة لحق الزوج أيضًا.[ تفسر ابن كثير 8\143] قال النووي : إن كانت رجعية فهي زوجته ، فعليه القيام بكفايتها ، فلا تخرج إلا بإذنه. [ روضة الطالبين 8 / 416] وقد روى الطبري في تفسيره "جامع البيان" (23/31) عن الضحاك، في قوله: "لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" أنه قال: (ليس لها أن تخرج إلا بإذنه، وليس للزوج أن يخرجها ما كانت في العدة، فإن خرجت فلا سكنى لها ولا نفقة). ويرى زفر بن الهذيل من أصحاب أبي حنيفة ؛ كما في "الجوهرة النيرة" (/80) بأن له السفر بها. قال ابن مفلح: والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار والإيلاء ويباح لزوجها وطؤها والخلوة بها والسفر بها ولها أن تتزين وتتشرف له وتحصل الرجعة بوطئها نوى الرجعة أو لم ينو. [ المبدع شرح المقنع لابن مفلح: 7\367]. والذي يظهر من كلام كثير من الفقهاء وخصوصا الحنابلة منهم فقد توسعوا في مسألة الخروج حتى في السفر، أن تعلق النهي الوارد في المنع من الخروج من منزل الزوجية لغلبة حق الزوج وهو الأظهر، لأن الله تعالى قد ذكر الحكمة من إبقاء الزوجة في النزل وهي لصالح الزوج والزوجة فقال: { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، قال ابن كثير: إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة، لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله في قلبه رجعتها، فيكون ذلك أيسر وأسهل. [ تفسير ابن كثير: 8\144]. والله تعالى أعلم.

الفئة الرئيسية

الأحوال الشخصية

الفئة فرعية

العدة

آخر تحديث للفتوى

عودة