أرشيف الفتاوى - 47031

أخذ الأم من نفقة ولدها

السؤال

وردنا هذا السؤال:

أنا زوجي طلقني، وعندي بنت عمرها تسعة أشهر وهي رضيعة أبيها الذي يعطيني كل شهر مبلغ نفقة البنت الرضيعة، هل يجوز أن أتصرف بالمبلغ وأصرف على نفسي منه أم فقط على ابنتي؟ علما بأني قلت له أني لا أريد منك نفقة علي، لكن لابنتك، أنا تنازلت على أن ينفقه عليها ،إذا أخذت شيئا من نفقة ابنتي: هل يجوز أم لا؟؟

جزاكم الله خيرا.

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق:

أما بعد فإن الشرع قد جعل لك أجرة الرضاع وأجرة الحضانة، قال تعالى: { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [ الطلاق:6]، وجاء في الدر المختار: أجرة الحضانة إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبيه وهي غير أجرة إرضاعه ونفقته . ( الدر المختار شرح تنوير الابصار الحصكفي 3\561)، وأنت قد تنازلت عن حقك كما ورد في كلامك.

وأما ما يتعلق بالنفقة التي يرسلها الوالد للطفل، فأنوه أولا أن نفقة الأب الموسر لابنه واجبة عليه شرعا، قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. ( إجماعات ابن المنذر 42).

ثانيا: الواجب في مال الطفل، أن يحفظ ويصان ويتصرف فيه الولي بما يحقق مصلحة الطفل، وليس لك أن تأخذي من مال ابنك، قال ابن قدامة: وليس لغير الأب الأخذ من مال غيره بغير إذنه ؛ لأن الخبر ورد في الأب بقوله { أنت ومالك لأبيك } . ولا يصح قياس غير الأب عليه ، لأن للأب ولاية على ولده وماله إذا كان صغيرا ، وله شفقة تامة ، وحق متأكد ، ولا يسقط ميراثه بحال . والأم لا تأخذ ؛ لأنها لا ولاية لها . (المغني: 12\326)، وجاء في مطالب أولي النهى: الأصل المنع خولف في الأب ؛ لدلالة النص ، وبقي ما عداه على الأصل. ( مطالب أولي النهى السيوطي: 13\41). وفي مسائل الإمام أحمد لابن هانئ قال: قلت لأحمد: الأم تأخذ من مال ولدها؟ قال: لا. (مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: 2332)

واستثنى بعض أهل العلم أمران: الأمر الأول: جاء عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بإسناد قابل للتحسين قال: (لما بايع رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم النساء قامت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر فقالت يا نبي الله إنا كل على آبًائنا وأبنائنا وأزواجنا فما يحل لنا من أموالهم فقال الرطب تأكلنه وتهدينه) [ رواه أبو داود 1686] وله شواهد. قال الشوكاني: يجوز للمرأة أن تأكل من مال ابنها وأبيها وزوجها بغير أذنهم وتهادي ولكن ذلك مختص بالأمور المأكولة التي لا تدخر فلا يجوز لها أن تهادي بالثياب والدراهم والدنانير والحبوب وغير ذلك. ( نيل الأوطار: 6\88). الأمر الثاني: استثنى بعض أهل العلم إن كانت الأم محتاجة للمال، فإنها تكون كالأب فتأخذ المال بالمعروف غير مفسدة له، قال إسحاق: كلما احتاجت، أخذت كسوتها، ونفقتها بالمعروف وهي مثل الأب، وأحسن حالاً. (مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: 2332)، وجاء في الكافي لابن قدامة: ويحتمل أن يجوز للأم لدخول ولدها في عموم قوله‏:‏ أولادكم. والأولى لك أن تبتعدي عن مال الطفل مطلقا ولا تتصرفي فيه إلا بما يحقق مصلحته، وما دامت الحضانة والرضاعة قائمتين فلك أن تطالبي بنفقتهما، كما هو ظاهر مذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الحاضنة لها الحق في طلب أجرة على الحضانة سواء أكانت الحاضنة أماً أم غيرها لأن الحضانة غير واجبة على الأم ولو امتنعت من الحضانة لم تجبر عليها في الجملة. (مغني المحتاج 2/338، 345 و3/ 452 وحاشية الشرواني 8/359 والجمل على شرح المنهج 4/520 وحاشية الرشيدي على نهاية المحتاج 7/219 وكشاف القناع 5/496 – 498 ونيل المآرب 2/307 ).

والله تعالى أعلم

الفئة الرئيسية

الأحوال الشخصية

الفئة فرعية

الحضانة

آخر تحديث للفتوى

عودة