أرشيف الفتاوى - 56063

نفقة الولد على والده

السؤال

هل يجوز طرد الابن البالغ القادر على الكسب، ولكنه فقير؟

أليس في هذا إفساد للشاب لأنه قد يتسبب في بقائه في الشارع، وربما فيه تدمير لمستقبل الشاب في أقل الأحوال، وفساد دينه ودنياه؟

1 الاجابة

الإسلام دين ينظم حياة الإنسان على وجه هذه البسيطة، ويبين حقوقه وواجباته من قبل ولادته وإلى ما بعد مماته على نحو من الكمال والرقي بما لا مثيل له.

ومن جملة أحكام الإسلام وجوب نفقة الولد على الوالد إلى أن يصبح قادراً على الكسب.

وبالمختصر؛ فإنه تجب نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ بِشُرُوطٍ فِي الْوَلَدِ وَشُرُوطٍ فِي الْوَالِدِ.

فَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الولد:

الشرط الأول: أن يكون فقيراً لا مال له، فإن كَانَ لَهُ مَالٌ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ، لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا تَجِبُ إِلَّا مَعَ الْفَقْرِ.

الشرط الثاني: أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنِ الْكَسْبِ، وَعَجْزُهُ عَنْهُ يَكُونُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا بِنُقْصَانِ خَلْقِهِ وَإِمَّا بِنُقْصَانِ أَحْكَامِهِ، أَمَّا نُقْصَانُ خَلْقِهِ فَكَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ، وَأَمَّا نُقْصَانُ أَحْكَامِهِ فَكَالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ.

وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْأَبِ فَشرطان:

الشرط الأول: أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى نَفَقَتِهِ، وَقُدْرَتُهُ عَلَيْهَا تَكُونُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ، إِمَّا مِنْ يَسَارٍ بِمَالٍ يَمْلِكُهُ، وَإِمَّا بِكَسْبِ بَدَنِهِ، لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ تُجْرِي عَلَيْهِ حُكْمَ الْغِنَى وَتَسْلُبُهُ حُكْمَ الْفَقْرِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِرَجُلَيْنِ سَأَلَاهُ عَنِ الزَّكَاةِ "إِنْ شِئْتُمَا وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ مُكْتَسِبٍ".

الشرط الثاني: أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا فَاضِلَةً عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْضُلْ عَنْهَا سَقَطَتْ عَنْهُ. لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ".

وقول الفقهاء بانتهاء وجوب النفقة لا يعني تحريضهم على طرد أبنائهم البالغين وتشريدهم ومنع النفقة عنهم، في حال استمرار الحاجة لظرف من الظروف، ولكن لتشجيع الأبناء كي يؤسسوا أنفسهم ويبحثوا عن عمل يكفيهم ويغنيهم، فهذه سنة الحياة، وليعلموا أن كل نفقة ينفقها الأب على ابنه البالغ القادر على الكسب إنما هي من قبيل التفضل والإحسان الذي ينبغي شكره، لا من باب الوجوب.

حاشا لهذا الدين العظيم أن يأمر بما يكون سبباً للفساد والإفساد، كيف وقد أمر بالإحسان إلى جميع خلق الله تعالى، كالفقراء والمساكين وابن السبيل، أفلا يكون آمراً للآباء باستمرار إحسانهم ورعايتهم لأبنائهم وفلذات أكبادهم؟! هذا أمر تدعو إليه الفطرة السليمة في كل حيوان، فكيف بالإنسان؟! فكيف بشريعة خالق الأكوان؟!

والله تعالى أعلم.

الفئة الرئيسية

الأحوال الشخصية

الفئة فرعية

النفقة

آخر تحديث للفتوى

عودة