أرشيف الفتاوى - 58289

النجاسة اليسيرة والوسوسة

السؤال

وردنا السؤال التالي:

 

كانت شفتي مجروحة - شق صغير - وغسلتها من الدم بعد أن توقف وانتهى وأثناء شربي لشيء شعرت بأن الجرح قد فتح توقفت،  وقلت عندما يتوقف النزيف أغسلها ولكني كنت أتحدث وكان لساني يلمس شفتي ولم أكن أعلم أنه يصل إلى مكان الجرح الذي كان في آخر الشفاه،  فهل داخل فمي تنجس بالدم،  كما أن شعري لمس شفتي من الجهة الأخرى بعيدا عن الجرح،  فهل تنجس شعري وعلي غسله؟

ومسألة أخرى بينما كنت أنظف أذني جرحت، وأعاني من التهاب بسبب خروج الشمع من أذني وهذا ما يحدث أثناء نومي ولا أدري بخصوص شعري إن لمس الشمع الذي يلامس الجرح، بت أشعر أن وسادتي وأغطيتي نجسة بسبب الصمغ وبسبب جرح الفم، فهل هذا صحيح أم وساوس؟

 

وجزاكم الله خيرا

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق:

 

يتبين لنا جليا من خلال كلامك، المبالغة الشديدة في فعلتك وتحرزك لدرجة دخولك إلى حيز الوسوسة، وننصحك أن تتركي التفكير بهذه الطريقة وهذا المنطق، وإنما تأخذين ظاهر الحال الذي ترينه بعينيك الواضح البين الجلي الذي لاشك فيه ولامجال للوسواس فيه، من دون الخوض في التحليلات والاستنتاجات والتفتيش عن التفاصيل التي لم يكلفنا الله به، وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، وهذا الدين يسر ولن يشاد فيه أحد إلا غلبه.

 واعلمي أختي الكريمة أنك حتى لو كنت متأكدة من هذا القدر اليسير من الدم، فإن اليسير من الدم والصديد والقيح، يعفى عنه عند أكثر الفقهاء.

وأما صمغ وشمع الأذن فليس بنجس أصلا فلا يلتفت إليه.

 قال السرخسي: والأصل في هذا أن القليل من النجاسة في الثوب لا يمنع جواز الصلاة فيه عندنا... ثم قال: ثم إن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يكتفون بالاستنجاء بالأحجار وقلما يتطيبون بالماء والاستنجاء بالحجر لا يزيل النجاسة حتى لو جلس بعده في الماء القليل نجسه فاكتفاؤهم به دليل على أن القليل من النجاسة عفو ولهذا قدرنا بالدرهم على سبيل الكناية عن موضع خروج الحدث هكذا قال النخعي رحمه الله تعالى واستقبحوا ذكر المقاعد في مجالسهم فكنوا عنه بالدرهم. [ المبسوط: 1\60، وينظر مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: 1\105].

وجاء في حاشية إعانة الطالبين للدمياطي: 1\100

" قوله ودم نحو دمل: أي ويعفى عن دم نحو دمل" انتهى المقصود

 قال ابن قدامة في المغني: 1\409

" مسألة قال ( إلا أن يكون ذلك دما أو قيحا يسيرا مما لا يفحش في القلب )

 أكثر أهل العلم يرون العفو عن يسير الدم والقيح،  وممن روي عنه ابن عباس وأبو هريرة وجابر وابن أبي أوفى وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وعروة ومحمد بن كنانة والنخعي وقتادة والأوزاعي والشافعي في أحد قوليه وأصحاب الرأي...

 ولنا ما روي عن عائشة قالت: ( قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض وفيه تصيبها الجنابة ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها) وفي لفظ: ( ما كان لأحدانا إلا ثوب فيه تحيض فإن أصابه شيء من دمها بلته بريقها ثم قصعته بظفرها ) رواه أبو داود، وهذا يدل على العفو عنه؛ لأن الريق لا يطهر به ويتنجس به ظفرها وهو إخبار عن دوام الفعل ومثل هذا لا يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصدر إلا عن أمره؛ ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا مخالف لهم في عصرهم فيكون إجماعا...؛ ولأنه يشق التحرز منه فعفى عنه كأثر الاستنجاء.

 فصل وظاهر مذهب أحمد أن اليسير ما لا يفحش في القلب وهو قول ابن عباس قال إلا إذا كان فاحشا أعاد وروي ذلك عن سعيد بن المسيب... ." انتهى المقصود مختصرا

 

والله تعالى أعلم

الفئة الرئيسية

العبادات والطهارة

الفئة فرعية

الطهارة

آخر تحديث للفتوى

عودة