أرشيف الفتاوى - 63778

حكم المسح على الجوارب

السؤال

وردنا السؤال التالي:

حكم المسج على الجواريب عند الوضوء للمقيم ؟

وجزاكم الله خيرا

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق :

 ذهب جمهور الفقهاء - وهو المفتى به - إلى عدم جواز المسح على الجوربين إلا بشرط اتصافهما بصفات الخفين ، من الثبوت على القدمين ، وإمكان تتابع المشي عليهما، وعدم نفوذ الماء من خلالهما بكونهما سميكين أو منعلين .

وهذه أقوال الأئمة في المسألة من كتب المذاهب الأربعة : 1- المذهب الحنفي : قال الإمام الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (1/10 ) طبعة دار الكتاب العربي سنة 1982م : (( وأما المسح على الجوربين ، فإن كانا مجلدين ، أو منعلين ، يجزيه بلا خلاف عند أصحابنا وإن لم يكونا مجلدين ، ولا منعلين ، فإن كانا رقيقين يشفان الماء ، لا يجوز المسح عليهما بالإجماع وإن كانا ثخينين لا يجوز عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد يجوز . وروي عن أبي حنيفة أنه رجع إلى قولهما في آخر عمره ، وذلك أنه مسح على جوربيه في مرضه ، ثم قال لعواده : " فعلت ما كنت أمنع الناس عنه " فاستدلوا به على رجوعه ...، ولأبي حنيفة أن جواز المسح على الخفين ثبت نصا ، بخلاف القياس ، فكل ما كان في معنى الخف في إمكان المشي عليه ، وإمكان قطع السفر به ، يلحق به ، وما لا ، فلا ، ومعلوم أن غير المجلد ، والمنعل ، من الجوارب لا يشارك الخف في هذا المعنى ، فتعذر الإلحاق ، على أن شرع المسح إن ثبت للترفيه ، لكن الحاجة إلى الترفيه ، فيما يغلب لبسه ، ولبس الجوارب مما لا يغلب ، فلا حاجة فيها إلى الترفيه ، فبقي أصل الواجب بالكتاب ، وهو غسل الرجلين . وأما الحديث فيحتمل أنهما كانا مجلدين ، أو منعلين ، وبه نقول : ولا عموم له ، لأنه حكاية حال ، ألا يرى أنه لم يتناول الرقيق من الجوارب ))

 2- المذهب المالكي : قال الإمام خليل المالكي في مختصره : (( رخص لرجل وامرأة وإن مستحاضة بحضر أو سفر

مسح جورب جلد ظاهره وباطنه )) . فالجلد لظاهره وباطنه شرط لصحة المسح عليه عندهم.

3- المذهب الشافعي : قال الإمام النووي الشافعي في المجموع شرح المهذب (1 / 561) : ((واتفق الأصحاب

ونصوص الشافعي رضي الله عنه على أنه يشترط في الخف كونه قويا يمكن متابعة المشي عليه ، قالوا : معنى ذلك أن

المشي يمكن عليه في مواضع النزول وعند الحط والترحال في الحوائج التي يتردد فيها في المنزل وفي المقيم نحو ذلك

كما جرت عادة لابسي الخفاف ، ولا يشترط إمكان متابعة المشي فراسخ ...)) . ثم قال رحمه الله (1/564) :

(( الصحيح من مذهبنا أن الجورب إن كان صفيقا يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه وإلا فلا... )) .

4- المذهب الحنبلي : قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني (1 / 181) : (( إنما يجوز المسح على الجورب

بالشرطين اللذين ذكرناهما في الخف : أحدهما: أن يكون صفيقا لا يبدو منه شيء من القدم . والثاني : أن يمكن متابعة

المشي فيه. هذا ظاهر كلام الخرقي ... . وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي ومجاهد وعمرو بن دينار والحسن بن مسلم

والشافعي : لا يجوز المسح عليهما إلا أن ينعلا ؛ لأنهما لا يمكن متابعة المشي فيهما فلم يجز المسح عليهما

كالرقيقين)) . ثم قال بعد كلام : (( وقولهم : لا يمكن متابعة المشي فيه . قلنا : لا يجوز المسح عليه إلا أن يكون مما

يثبت بنفسه ويمكن متابعة المشي فيه ، وأما الرقيق فليس بساتر )) اهـ . وقال الشيخ ابن تيمية في شرح العمدة (1 /

253) : (( وأما ما لا يمكن متابعة المشي فيه إما لضيقه أو ثقله أو تكسره بالمشي أو تعذره كرقيق الخرق أو اللبود

لم يجز مسحه لأنه ليس بمنصوص ولا في معنى المنصوص )) اهـ . وقال الشيخ البهوتي في الروض المربع (1 /

59) : (( يجوز المسح على خف يمكن متابعة المشي فيه عرفا )) اهـ . وظاهر عبارات كتب الحنابلة توافق مذهب الجمهور لاشتراط الحنابلة إمكان تتابع المشي عليه ، وهو لا يوجد في الجوارب الحديثة المعاصرة المصنوعة من القطن ونحوه . والخلاصة : فإن الجوربين المعتاد لبسهما في عصرنا الحاضر المصنوعة من القطن أو القماش .. لا تتوفر فيهما الشروط التي اشترطها الفقهاء للمسح عليهما المتوفرة في الخفين ، ولا يكفي المسح على الجوربين عن الغسل ، وبناء على ما تقدم ذكره يجب عليك خلع الجوربين وغسل الرجلين لكل فرض لعدم توفر شروط المسح على الجوربين المذكورين . ومن فعل ذلك فيما مضى ، فلا يعد إليه بعد أن علم الحكم .

ولبعض المعاصرين رسالة مفردة في المسألة بعنوان ( الحق الحقيق في حكم المسح على الجورب الرقيق ) للشيخ نضال بن إبراهيم ، طبعت بدار البيروني  بدمشق سنة 1430هـ - 2009م ، وهي منشورة في الشبكة ، ينصح الرجوع إليها وإلى مثلها للاستزادة ، فقد أجاد  المؤلف وأفاد وبسط الكلام في المسألة بما لا مزيد عليه بما حاصله ما ذكرناه .

 

والله تعالى أعلم .

الفئة الرئيسية

العبادات والطهارة

الفئة فرعية

الطهارة

آخر تحديث للفتوى

عودة