أرشيف الفتاوى - 70393

حكم إقامة علاقة الحب مع شاب

السؤال

وردنا السؤال التالي:

 

كنت أحب شابا و يحبني،  وقد هداني الله و الحمد لله قلت له:  يجب أن أقطع علاقتي معك من أجل الله لكنني سأظل أحبك قال لي:  يا ليتني أستطيع أن أتوب مثلك،  مرعلى هذا 3 أشهر لا أكلمه ولكنه يلقي علي تحية الصباح إن التقيت به و لا أرد عليه،  مع العلم أنني لا زلت أحبه،  أهداني ماء زمزم في الأيام التي فاتت و أنا أريد أن أهديه كتابا عن أبي بكر

الصديق رضي الله عنه لعله يكون سببا في هدايته،  فهل يجوز؟

 

وجزاكم الله خيرا

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق:

 

إن عددا كبيراً من البنات خدعن بالكلام المعسول والكلام الجميل والوعود الكاذبة والحب الموهوم من خلال التعرف على الزملاء في الدراسة أو العمل أو عن طريق وسائل التواصل في شبكة الإنترنت ... ونحوها، وندمن ولكن بعد فوات الأوان، وتبين لهن أنهن مخدوعات .. !! وقد وقعن في ألاعيب وحبال وشباك من لا يخشى الله تعالى.

فالمعرفة لا تكون عبر الحوارات المغلقة، ولا عبر المحادثات العابرة، والخلوات المحرمة المشبوهة، ولا بالكلام المعسول الذي لا شاهد له إلا قائله وحده.

ونقول لكل فتاة تتعلق بشاب باسم الحب أو العشق:

إن الحب الحقيقي إنما هو بعد الزواج، يترسخ بالعشرة وتحمل الهموم ويدمغ بالتضحيات من كل طرف، وقد ثبت أن أغلب الزواجات التي تمت عن طريقه (أي عن طريق التعارف والمراسلات والاتصالات ... ) قد فشلت وكانت نهايتها الطلاق والندم والخسران!!.

وقبل إرشادك لما فيه حل لمشكلتك نقول:

إن الحب بين امرأة ورجل: قسمه العلماء إلى قسمين:

الأول: رجل قذف في قلبه حب امرأة فاتقى الله تعالى وغض طرفه، حتى إذا وجد سبيلاً إلى الزواج منها تزوجها وإلا فإنه يصرف قلبه عنها، لئلا يشتغل بما لا فائدة من ورائه فيضيع حدود الله وواجباته. فعن ابن عباس مرفوعاً: "لم ير للمتاحبين مثل النكاح"

رواه ابن ماجه 1847.

الثاني: من تمكن الحب من قلبه مع عدم قدرته على إعفاف نفسه حتى انقلب إلى عشق، فهذا من الحب محرم، وعواقبه وخيمة. والعشق من أمراض القلب، وإذا تمكن واستحكم على الأطباء علاجه، وإذا امتلأ القلب بمحبة الله دفع ذلك عنه مرض العشق. وبين الشرع علاج الحب فأمر بغض البصر والمراقبة وكسر الشهوة بالصيام وعند القدرة على النكاح بالزواج.

قال الشيخ ابن القيم في زاد المعاد 4/ 265:

(والمقصود أن العشق لما كان مرضاً من الأمراض، كان قابلاً للعلاج وله أنواع من العلاج فإن كان مما للعاشق سبيل إلى وصل محبوبه شرعاً فهو علاجه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ... ).

فدل المحب على علاجين: أصلي وبدلي، وأمره بالأصلي: وهو العلاج الذي وضع لهذا الداء فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره. وروى ابن ماجه عن ابن عباس مرفوعاً: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) ... ) اهـ ملخصا.

ثم قال في زاد المعاد 4/ 275 أيضا: (فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا صدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، وليطرح نفسه بين يديه على بابه، مستغيثاً به، متضرعاً متذللاً، مستكيناً، فمتى وفق لذلك، فقد قرع باب التوفيق فليعف وليكتم) اهـ.

فأمامكما خياران:

إما الزواج إذا كان ذلك ممكنا. ولو بأن يسعى أحد أقاربك من أب أو أم أو غيرهما من ترغيب أهل الشاب فيك وفي أن يتزوجك ولو بأسلوب غير مباشر، ويثنون عليك خيراً بما هو موجو د فيك من صفات يطمح إليها كل شاب، وقد أجاز العلماء أن يعرض الأب الزواج على من يتوسم فيهم الخير من أهل الدين والخلق والصلاح فهو أمر مشروع وليس فيه تقليل لشأن الفتاة بل إن فيه مصلحة راجحة والبحث عن الزوج الكفؤ لها.

فإن لم يمكن الزواج أو تزوج غيرك .. ، فلابد من قطع الصلة دون تردد، فإذا كان تعلق الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل خارجاً عن النفس والإرادة، فلا يجوز أن يتخذ حجة لإقامة علاقة مع الطرف الآخر، أو التعلق به وإشغال البال به كالحال التي وصلتما إليها. فإن كان يستطيع الزواج منك فليتقدم لخطبتك وليعجل، وإذا كان لا يستطيع الزواج منك فليقطع صلته بك تماماً، ولييأس منك تماماً، وبالمثل افعلي، فالكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ولا ترسلي له هدايا ولا نحوها وابتعدي عنه .

واشغلي نفسك بما ينفعك دنيا وأخرى، وثقي أن الله سيعوضك خيرا منه. وعليك بقراءة (روضة المحبين ونزهة المشتاقين) لابن القيم، فلعلك تجدين فيه دواء علتك، وهو مطبوع متداول ومنشور في الإنترنت، فرج الله عنك وألهمك رشدك.

واجتنبي محادثة هذا الشاب مهما كانت المبررات ... ، فإن محادثة الفتاة لشاب أجنبي عنها والعكس سواء كان مباشرة وجهاً لوجه أو من خلال الهاتف أو بواسطة الإنترنت ونحوها من وسائل الاتصال ... إذا كان مشتملاً على فضول الكلام أو العواطف أو الإعجاب أو الصداقة والعلاقة، فكل ذلك مما حرمه الدين، فقد قال سبحانه لخير النساء وأتقاهن نساء المصطفى صلى الله عليه وسلم: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب/32]،

فما الظن بغيرهن اللائي غالبا ما يترتب على كلامهن فساد كبير ومعاص مدمرة إلا من رحم الله.

والذي ننصح به من ابتلي بالعشق أو التعلق بمخلوق - ذكراً كان أو أنثى - أن يقلع عنه فوراً عن ذلك، ولا يتعلل بالأعذار الواهية. قال الله تعالى: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان}.

وقد حدث لكثير من الشباب والفتيات ممن ولجوا هذا الباب وخدعهم الشيطان باسم الحب الكاذب والعشق الموهوم والعلاقة البريئة .. فانتهوا إلى النهايات المأساوية والوقوع في الفاحشة والزنا والعياذ بالله وغيرها من الموبقات التي دمرت حياتهم الدنيوية والأخروية وأفسدتهم، فخسروا الدنيا والآخرة.ونوصيك بتقوى الله تعالى في السر والعلن، واستمري على ما أنت عليه من ملازمة الطاعات والاتصاف بمحاسن الأخلاق وجميل الصفات، وأكثري من الطاعات والدعوات أن يختار لك ما فيه خير لك في الدنيا والآخرة، وثقي أن الله تعالى سينير لك الطريق ويوفقك في دنياك وأخراك، ولا تغتري بكلمة من هنا وهناك، وحكمي عقلك قبل قلبك، وأشركي من تثقين فيه من أهلك في أمورك، فلا تعلقي نفسك بآمال غير محققة.

فإن تقدم الشاب المذكور لخطبتك من أهلك رسمياً وكان ذا خلق ودين وكفؤاً فاقبلي به، وإن لم يتقدم وتقدم لخطبتك غيره ممن ينطبق عليه الوصف السابق فوافقي عليه ولا تنتظري هذا الشاب الذي تميلين إليه وتفكرين فيه كما ذكرت ولا تعلقين نفسك بآمال موهومة وسراب كاذب وتمر عليك السنون دون فائدة.

 

والله تعالى أعلم.

الفئة الرئيسية

الأحوال الشخصية

الفئة فرعية

أحكام المرأة

آخر تحديث للفتوى

عودة