أرشيف الفتاوى - 70906

حكم دخول الحائض المسجد والمكث فيه لحفظ القرآن الكريم

السؤال

وردنا السؤال التالي:

الحمد لله بتوفيقه التحقت لتحفيظ القرآن فى أحد المساجد فى الشارقة وأنا لا أحضر في حلقة القرآن، في أيام الحيض وذلك لما سمعت في صغري بأنه يحرم للحائض مس المصحف وتلاوته في أيام الحيض ونحن معظم المسلمين في كيرلا- الهند يتبعون المذهب الشافعي في مجال الفقه ولكن أساتذة الحلقات والمشرفة تقول بأنه لا يمكن الغياب عن الحلقات إلا بسبب واضح ولم أظهر حتى الآن سبب غيابي لهم لأني لا أعلم،  هل يقبلون سببي. وأعلم أن على المسلمة ترك الصلاة والصوم أثناء الحيض، أو النفاس، وهل يجوز لنا مس القرآن وتلاوته وحفظه؟

 وجزاكم الله خيرا

 

 

1 الاجابة

الجواب وبالله التوفيق :

الذي ذهب إليه الأئمة الأربعة أن المكث في المسجد حرام على الجنب ومثله الحائض وكذا قرآة القرآن - إلا عند المالكية فتجوز القراءة-، ومس المصحف .

واختلفوا في العبور فيه، كأن يدخل من باب ويخرج من آخر. واستندوا في ذلك إلى قوله تعالى:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43].

 والمراد بالصلاة موضعها وهو المسجد الذي تكون فيه الصلاة وكذا فعلها، كما ذهب إليه أهل التأويل، فذكر الصلاة مجاز مرسل، من ذكر الحال وإرادة المحل، فنهت الآية عن إتيان المساجد حالة السكر أو  الجنابة، لما في ذلك من امتهان لهذه الشعائر التي أذن الله تعالى أن ترفع ويذكر فيها اسمه، والجنب ليس أهلاً للعبادة من صلاة أو قراءة قرآن، كما جاء في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عند أبي داود:

 "وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب".

 وقد ذهب إلى هذا  جمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة.

وإنما اختلفوا في العبور، فأجازه الشافعية والمالكية لظاهر الآية، وأجاز الحنابلة العبور  للحاجة فقط، ومنعه أبو حنيفة وأصحابه لظاهر الحديث السابق، وحديث الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه : قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: "يا علي، لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك".

 والحائض في كل ذلك كالجنب لأنها صاحبة حدث أكبر، فتمتنع مما يمتنع منه الجنب من قراءة ومس مصحف، ودخول مسجد، زيادة على امتناع استمتاع زوجها بها بين السُرة والركبة.

ولا تجوز قراءة القرآن للحائض ولا للجنب عند جماهير الأئمة والفقهاء لا من المصحف ولا من الحفظ والصدر ولا من الحاسوب أو الجوال، إنما تسبح وتحمد وتكبر وتهلل وتستغفر وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتدعو الله تعالى وتتصدق وغير ذلك من أنواع الذكر والدعاء.

غير أن السادة المالكية لهم رأي في قراءة القرآن إذا كانت حافظة، فرأوا أنها إذا امتنعت من القراءة فترة حيضها أدَّى ذلك إلى نسيانها القرآن وذلك غيرجائز، فأبيح لها للحاجة، وليس كذلك الجنب إذ بإمكانه أن يرفع حدثه بغسل أو تيمم، بخلاف الحائض .. ولكنهم مع ذلك لم يجوزوا لها المكث في المسجد ..

 

والله تعالى أعلم

 

والذي نراه في هذه المسألة أن مذهب السادة المالكية هو المذهب الوسط الذي تشتد الحاجة إليه ولاسيما للطالبات أو المعلمات، خصوصاً في أيام الاختبارات.

 

أما المكث في المسجد فليس ضرورياً، ولو كان بحجة التحفيظ، إذ يمكن أن يكون التحفيظ في غير المسجد، وإن كان في المسجد، ينبغي أن تعذر صاحبة الحيض من الحضور أثناء دورتها، وتتعاهد حفظها في بيتها إن ترخصت بمذهب السادة المالكية .

 

وذلك عملاً بمثل هذه النصوص الشرعية، وحفاظاً على قدسية مساجد الله تعالى.

 

والله تعالى أعلم.

 

الفئة الرئيسية

العبادات والطهارة

الفئة فرعية

الطهارة

آخر تحديث للفتوى

عودة